قصة الخياط الذي صنع ثوبا لعروس من الجن

 من أغرب وأعجب القصص التي مرت علي وهي قصة حقيقية لخياط حصلت أحداثها بالضبط في بلد المغرب .

 يحكيها لنا ابن الخياط بنفسه والذي يبلغ من العمر الآن حوالي 40 سنة بعد سنين كثيرة من وقوع الحادثة لأبيه.


قصة حقيقية


أحداث القصة

كان "المْعْلّْمْ حسن" من أشهر الخياطين في مدينته الصغيرة ،وكان من أفضلهم في ذلك الزمن .

 وكان رجلا يخيط الملابس ويبيع الأقمشة أيضا، وكان آنذاك دائع الصيت في مدينته بسبب جودة عمله وإتقانه إياه وتجربته التي تتجاوز الثلاثين سنة من العمل.

 وكان الزبائن يتهافتون عليه و خاصة النساء منهم , ذات ليلة بعد انتهاء يوم طويل و متعب من العمل ، همَّ المعلم حسن إلى إغلاق محلِّه و الذهاب لبيته .

 حتى أوقفته سيدة وقد دخلت المحل ، فقال لها فورا :"عفوا سيدتي لقد انتهينا اليوم ،عودي غدا إن شاء الله" .

لكنه أحس بإحساس غريب في حضورها ،كأنه خوف أو هيبة غريبة ومرعبة وشعر فيها ببرود عجيب ,و قال أن شكلها ليس مريحا .

وجهها أبيض أكثر من المعتاد كأنه ليس فيه دم وهي ترتدي لباسا أسودا طويلا ،لكنه تجاهل الأمر .

 فقالت بصوت رجولي جاف:" لا يمكن أن أنتظر للغد لأنني جئتك من مدينة بعيدة خصيصا لتخيط لي ثوب زفافي الذي لم يتبقى له سوى بضعة أيام " .

ارتعب الخياط حسن من صوتها قليلا، لكنه قال في نفسه لعل صوتها هكذا طبيعته، واستحى أن يرد لها الطلب بعد أن سمع ظروفها .

فوافق و أمرها أن تدخل ليأخذ مقاساتها وبعد يومين سيكون فستانها جاهزا" القميص أو القفطان المغربي".


أخذ الخياط حسن شريط القياسات و طلب منها أن تستدير ليقيس مسافة بين كتفيها ، هنا لاحظ الخياط أن حرارة غريبة تخرج من تلك المرأة .

 و بها رائحة كبريت قوية ،ارتعب الخياط حسن وحاول تمالك نفسه لكي لا تظهر عليه بوادر الخوف، دون قياس الكتفين .

وبسبب الحيرة والتشتت الذي انتابه قرر أن يعيد القياس لعله قد أخطأ، وجد في المرة الثانية قياسا مختلفا عن القياس الأول فظن أنه فعلا أخطأ المرة الأولى.

 قرر أن يعيد المرة الثالثة القياس هنا اقشعر بدنه من الخوف حين وجد القياس يتغير بين كل مرة وأخرى بشكل كبير .

 تمالك نفسه ثانية و أخذ شريط القياسات ووضعه على كتفيها ليقيس طولها الكامل وكما ذكرنا كانت ترتدي لباسا طويلا أسودا حتى حذاؤها لا يظهر من طوله .

 هنا قالت المرأة التي كلنا أصبحنا نوقن أنها من الجن بعصبية تظهر على نبرة صوتها: "لا ،ليس هناك أي داع لتقترب من حذائي أو رِجلَيَّ"، اعتذر منها الخياط و ابتعد منها.

هنا أخرجت الجنية قماشا ووضعته على طاولة الخياط وأخبرته أنه الثوب الذي تريد منه فستانها، اندهش الخياط واختلطت مشاعره حين عاين ولمس ذلك القماش .

 ثلاثون سنة من العمل في المجال والخبرة في جميع أنواع الأقمشة لم يمر عليه قط ذلك النوع أبدا .

كان قماشا أسودا غامقا بدرجة كبيرة جدا تفوح منه رائحة الحريق ، أما ملمسه فكان خشنا جدا، تصبب جبين الخياط حسن عرقا من التوتر .

لكنه ابتسم لها ليخفي بابتسامته قلقه وقال :" هذا القماش جيد ،يبدو أنه ليس من بلدنا" لم تجبه أبدا بل أخذت تنظر إليه في صمت فأكمل وهو مُحرَج:

" حسنا سيدتي سيكون( لْقْميصْ) جاهزا خلال يومين فقط" هنا خرجت الجنية من المحل دون كلام وأغلق المعلم حسن محله .

واتجه إلى بيته محتارا و لم تفارقه حيرته طوال تلك الليلة وهو يقول في نفسه: "تُرى هل حدث معي ما يَروي البعض حين يقولون أنهم التقوا بجنية مُتلبِّسة بامرأة ، أم أنني أتوهم".

الأحداث العجيبة مع الجنية و قماشها


في صبيحة اليوم الموالي، اتجه الخياط حسن إلى محله، وكعادته اليومية استفتح يومه بالذكر و شغل القرآن في محله وهو يشتغل في الصباح .

 اشتغل قليلا ثم تذكر القماش الأسود وأن الزبونة ستعود له بعد يومين فقط فقرر أن يؤجل باقي العمل.

 عندما أخرج ذلك الثوب وضعه أمامه على الطاولة، و شرد عقله وعيناه لم تفارقا الثوب لمدة دقائق إلى أن استفاق وهو يستغفر الله .

 وبدأ بالعمل و عندما أراد أن يخيطه وجد آلة الخياطة معطلة لا تعمل ،ولم يكن بها أي مشكل قبل ذلك ،فحصها جيدا ولم يجد بها أي مشكل ، ضاع يومه كله في محاولة تشغيل آلة الخياطة.


وصل الليل وهَمَّ الخياط حسن بالذهاب إلى بيته لولا أن ظهرت أمامه تلك الجنية ثانية في نفس موعد الأمس ،قالت:" ها، أين وصلت الأشغال مع طلبي" قال الخياط:" اليوم تعطلت آلة الخياطة ولم أخط قميصك بعد ولكن...".

 قاطعته غاضبة :" أنا أحذرك ،لا تعبث معي ،لقد وعدتني أنك بعد يومين فقط ستجهز قميص زفافي .

الوعد وعد و نحن لا نتساهل في هذا الأمر، إن لم تفي بوعدك لي لن تلوم سوى نفسك" هنا أخذ المعلم حسن يلطف الأجواء وهو يعدها أنها بعد 24ساعة بالتدقيق ستجد قميصها جاهزا، فذهبت إلى حال سبيلها.

في الغد ،صباحا عاد الخياط إلى عمله وعندما ضغط كعادته على زر تشغيل القرآن وجد الجهاز عاطلا لا يشتغل مثل ما حدث مع آلة الخياطة بدون سبب .

 اتجه الخياط نحو آلة الخياطة وهنا فور ضغطه على زر التشغيل اشتغلت آلة الخياطة كأنها لم تكن معطلة أبدا .

فكر الخياط حسن وربط الأحداث ببعضها ليتبين له أن القرآن هو سبب تعطل الآلة الأمس واليوم عندما لم يشغل القرآن في المحل اشتغلت الآلة .

أخرج القماش الأسود العجيب وهو يتساءل عما إذا كان سيسهل العمل عليه بسرعة أم أنه يخفي مفاجآت جديدة ،خاصة أن الليلة هي الموعودة والتي ستحدد مصيره مع الجن.

تفاجأ المعلم حسن أنه فور بدايته في خياطة ذلك القماش أخذ يجري على آلة الخياطة بسلاسة وكأنه هو من يخيط نفسه بنفسه ، وكان أسرع ما خاط .

 انتهى المعلم حسن من العمل على الفستان العجيب باكرا، والذي كان أغرب ما مر عليه كل هذه السنين، انتظر أن تمر عليه الجنية لتأخذ طلبها كما وعد الليلة .

وكما هو متوقع وفي نفس موعدها دخلت المرأة العجيبة و أخرج الخياط حسن القميص المتفق عليه ،فأخرجت بدورها مبلغا كبيرا جدا من المال ووضعته على طاولة الخياط وهو خيالي بالنسبة للخدمة المقدمة من طرفه .

 فقال لها :" سيدتي هذا المال كثير جدا " أشرت بيدها له أن يأخذ المال واستدارت وخرجت من المحل تاركة إياه في صدمة ودهشة.

عد الخياط الأموال وهو مسرور ،ياله من مبلغ كبير! قال الخياط في نفسه وهو مستبشر ، رغم أنه شعر بإحساس غريب لكنه قال في نفسه سيظل ما حدث بيني وبين نفسي لن أقصه على أحد .

 ذهب لبيته وفور دخوله رأت زوجته الابتسامة على وجهه والبشاشة فسألته عن السبب فأخبرها أن زبونة خاط لها فستانا لزفافها قد أكرمته وأعطته مبلغا كبيرا ربما هي ثرية .

 فرحت الزوجة و طلبت أن يريها المال ، أدخل الخياط حسن يده في جيبه وأخرج المال لتكون الصدمة الكبرى ،المال كله عبارة عن أوراق بيضاء  .

 أخذ يقلب في الأوراق ويعيد البحث في جيوبه كالمجنون وهو يقول لقد كان المال هنا ،أين الأموال .

زوجته في دهشة وحيرة وخوف من أن زوجها قد جُنّ، استغفر الله وتأكد هنا أن ما حصل معه هذه الأيام من عمل الجن ، هنا حكى الخياط حسن قصته كاملة لزوجته وابنه الذي قص لنا هذه الحكاية كما رواها أبوه.

يقول الخياط أنه تلك الليلة حلم حلما غريبا بل كابوسا ،رأى أنه في حفل زفاف غريب ومرعب ، تقام فيه طقوس غريبة وعجيبة لم يرها قَط .

 والعجيب أن العروس كانت ترتدي ذلك القميص نفسه الذي خاط بيديه، حاول أن يرى وجهها مرارا لكن بلا جدوى كان وجه العروس مضببا و غير واضح .

 هنا استيقظ الخياط حسن وهو مرتعب يذكر الله، توضأ وصلى لله ركعتين وذكر الله بعدهما ثم عاد ليكمل نومه.


في الصباح استيقظ و عندما كان متجها إلى مقر عمله تذكر القطع الصغيرة من ذلك القماش الأسود والتي تبقت منه أي الزيادات الصغيرة التي قصها أثناء التفصيل .

 وقال في نفسه:" سأحضر تلك القطع لزوجتي وابني ليروها كدليل لما حصل معه" والمفاجأة أنه لم يجد لها أي أثر في محله كأنها لم تكن هناك قط .

 كأنه كان يتوهم كل شيء، أكمل الخياط حسن حياته بعد ذلك اليوم بسلام وظلت هذه الحكاية ذكرى من الذكريات الغريبة في ذاكرته.

إذا أثارتك القصة وأعجبتك يمكنك مشاركتها مع أصدقائك وأقربائك عبر زر المشاركة أسفله, وشاركنا تعليقك أو اقتراحاتك فهي تهمنا.



وضع القراءة :
حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-